.
ذاكرة العشق.
"١٨"
"١٨"
الفصل السادس
جئت مرهقا، ذائبا، مكثت في الفراش أياما، لا أذهب لعملي، ولا أقوى على رؤية أحد، فقط كان القلم يكتب بلا إرادة مني.
وحده القلم كان يكتب.
وأعلم بأن الله يعلم قدرها
وليس فى دنيا الرجال بمثلها
وليست الأفعال منها كفعلنا
لكن فعال الله فى أفعالها
والله العظيم القلم كتب هذا الكلام لوحده، والدموع نازلة من عيني، وزى الغمام، زى الدخان، كان حالي وقتها غريبا، لاتستطيع كلمات البشر له وصفا، كانت حالة توهان قعدت خمس أيام، وبعدين المعهد لما كنت أغيب عنه يقولوا ده فى مصر، قلت أما أنزل أقول لهم إني مش فى مصر.
كان جانبى وقتها تاعبني، حزمونى بالطرحة إللي كنت جايبها لأم مصطفى، من أمي، بتاعة أمي!!. حزموني!!... بتقول" "حنحزموك!!"، اتحزمت، ونزلت وهى كانت معي من خمسة أيام الطرحة دي، وكان يوم جمعة، كنت أصلي دائما في سيدى شبل، نزلت اصلي، ولكني معرفش رحت فين!
كنت عاوز اقعد على كوم رتش فى الغيطان لوحدي لوقت صلاة الجمعة، تهت فعلا في قريتي إللي عارفها شبر شبر...حاسس انى زهقان ومقبوض وإن دقات قلبي مش منتظمه، قلت اروح جامع العزب أبو نوح، رحت، وقعدت، وأول ما الإمام طلع المنبر بيقول بسم الله الرحمن الرحيم، أخدت الحذاء بتاعي، وطلعت ودي متحصلش مني أبداً قلت يمكن حال هَيمُر عليّ ولا حاجة، رحت سيدى حميد مدد يا سيدى حميد مقعدتش، رحت سيدى شبل صليت على السلم، وكانت الصلاة خلصت،صليت لوحدي، وروحت مرهق جدا، قلت لهم: "تعبان..."، قعد الحزام فى وسطي خمسة أيام. قعدت في السرير بكاء وخلاص، ويسألوني "بتبكي ليه؟" أقول لهم:"معرفش!!." نزلت قلت أروح للدكتور فلان - الصيدلى - آخذ حاجة للكلى. وطبعاً السهر والبكاء ظاهر على ملامح وجهي، أتاري إن الدكتور فلان كان قارى الخبر، وساعة ما شافني قال: "تعالى البقاء لله...!!" قلت له: "البقاء لله فى مين؟!"، ولما عرف إني معرفتش خبر انتقال أمي، خاف علي، فحب يتوه الموضوع، ولكني كنت كالملذوع بعقرب فور سماعي تعزيته، قال: "إنت كنت فين؟!، الله ,!! أنا أصل مش عارف إيه"، وعاوز يتوه، قلت له: "كمل كلامك، البقاء لله في مين؟!"، راح جايب لي كرسي، مقعدني قدامه وقال"البقاء لله فى أمك"، جيت معيط أكثر، أما قال لي خبر الانتقال رجعت البيت، أخذت أم مصطفى ورحنا مصر. حزنت جداً أتريها بقى لها يومين، ولما وصلت الخدمة، لقيت خالي علي بدوي ،الله يرحمه، أخو أمى الحاجة متأهبين للسفر إلى حميثرا، قلتلهم، وأنا بنهنه من البكاء:"هسافر معاكوا لأمي!!" قال لى:" لا...بشكلك كده مش مسافر، إنت حتموت مننا فى السكة!!"، قلت لهم غاضبا: "أنا عاوز أموت أموت أموت أنا عاوز أموت هناك!" قال لى: "يا عمدة إحنا مش رايحين زيارة، إحنا رايحين لعمل إجراءات لازمة، خليك المرة دي وفى الأربعين حنأخذك معنا!!"، مادرتش بنفسي إلا وهم بيفوقوني بعدها بفترة، كان خالي اللواء على بدوي غادر لأول طائرة رايحة أسوان، المهم ورحت فى الأربعين (لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) لقيت القبه متغطيه على أمي، متحملتش، رحت الجبل، جيت الخدمة قالوا لي: "أمال إنت كنت فين رحت الجبل؟ انت كده حتموت!" قولتلهم "أموت أموت مش أحسن من إللي راح!!"، كنت عند سماع الخبر لقتني متحزم بالطرحة، افتكرت كلامها معايا قبيل الانتقال"حبنقى منصبينك، ومحزمينك شكل الرجال، وتتكلم بشهامة، وتضحك "ولكن أنا باموت فى أمي، وكلامها اتحقق.
يتبع بمشيئة الله .......
.
0 تعليقات