.
ذاكرة العشق.
"٢٧"
أما الدكتور عبد الحليم محمود ،رحمة الله عليه، كان يوقفني، يسألني كل مرة يقابلني فيها، وأرد نفس، الرد ومرة سألني: "أمك وردها إيه يا إبراهيم؟"، قلت: "يا دكتور إن شاء الله الطبلية"، ربنا إللي أنطقني! قال لي: "إنت تقصد إطعام الطعام؟"، قلت: "إن شاء الله"، قال: "ده أعظم ورد!"، وقال "لقمة فى بطن جائع أفضل من بناء جامع، واعلم إن امك دية زينب الوقت."، هو قال الكلمتين دول، بعد كده بيجي أسبوع لقينا الشيخ أحمد أبو الحسن باعت قصيدة مطلعها بيقول :
"أتينا رحابك يا أميرة
وزينب وقتنا. أنت المشيرة."
شوف كلمات الحق بتنطق إزاي.
ومرة الدكتور عبد الحليم محمود طلبها فى التليفون، وكنت واقف، وهي من عادتها تمسك السماعه، وتقول الله، هي مسكت التليفون، وقالت:"الله. حط السماعة يا دكتور من فضلك، حط السماعة يا دكتور أما تيجى تفرج!"، وهي حطت السماعة، وقالت: "بيبلغني، بمقتل الذهبى*!! وعايز يشوف هقول إيه!!"، هى بتتكلم، وشوية لقيت الدكتور عبد الحليم محمود جاي، قالت لي: "إبراهيم شد الباب ياإبراهيم وراك."، الله أعلم بقى قالوا إيه .
مرة تانية واحنا في الخدمة كان واحد من المحافظين عندها، وهو المرحوم ثروت عطا الله، وكان فيه يومها إجتماع للمحافظين، واحنا كنا تحت بنخدم شوية، ولقيت الشيخ الكحلاوى نازل بيقول لى: "واد يا إبراهيم ده أمك ماسكة اللواء ثروت عطا الله عصراه! بتقول له احنا عاملين الاجتماع ده عشان تقول كذا وكذا!"، يقول لها "ياحاجة زكية...!" تقول :"أُمال إحنا عاملين الاجتماع ده ليه عشان تقول كذا وكذا!!"، وإحنا قاعدين بنشرب الشاي تحت، لقينا اللواء ثروت عطا الله نازل، قال الشيخ الكحلاوي وهو بيضحك "شوف نازل إزاي؟". وقالت لي: " الحُكْم اللى هوه من الحَكْم، إللي فوق يعنى حُكْم ربنا شغال فوق وتحت". ومرة قالت لي: "مصر بخير ما دام فيها النيل"، بقول لها: "يا أمي ده النيل بيجري بحسكم إنتم."، قالت: "صدقت، بس اسكت!.".
ومرة قاعد معاها، وكان فيه ناس معاها، وربنا بيحسسني بحاجات غريبة كده بس صح، وفى مكانها، فلقيت واحد دخل، وبعد شوية واحدة دخلت وأكلوا، وشوية كده وخرجوا ورا بعض، فربنا حسسني بشئ، يعني إنهم استحموا، وأنا قاعد معاها، كنت لسه هتكلم معاها بالخاطر ده، هى إللي فهماني قالت:"اسكت يا بن القلب، إن ما كنوش يتطهروا عند امك، حيتطهروا فين؟، اتفرج وانت ساكت يا ابن القلب!". شوف الأسرار. ومرة بتسأل على واحد بتقول:"أُمال الشيخ فلان فين؟"، قالوا لها: "ده فلان وفلان زعلوه ومشوه!". قالت: "بتمشوه ليه؟!، مش كنتم تصبروا لحد مياخد بقية علاجه!"، اتاريهم بيعالجوا. الأكل بيبقى فيه حاجة حسب نية إللي بياكل، لو واحد إداك شوية تراب، وبيقول لك خدهم على بركة الله، خدهم وانت مطمئن، وما تفتش فيهم وده ينفعك قدام. وده صحيح، من معاشرتي لأمي. صدق نيتك بتغمرك خير، لأنه مفيش أكرم منهم.
كنت بأكل الناس العدس، واطلع فوق الطبلية، وأعمل زي اللي بيأذن، وأقول للناس:
"كلوا من طيبات ما رزقناكم، يا أولاد القلب .
"إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
واضرب فيهم، وعضهم. ناس كثير عرب، وصعايدة ويبقوا فرحانين، ويضحكوا ويقولوا: "يا عمده هات كمان"، ووالله الحلة ما نقصتش أبداً، قلت ده مدد حقيقي، ده شغل حقيقي!، مدد يا سيدنا الحسين، مدد يا سيدي أبو الحسن، مدد يا أمي. ورحت اتوضأ للحلة والكبشة عشان اتعامل معاهم، وأنا متوضأ، وأروح لأمي، وأقول لها "يا أمي، أنا أهوه..."، تقول لي: "وأنا أهوه..."، الساعة اتنين بالليل قاعد معاها، بصت لي وقالت: "بوس إيد أمك. حلة العدس كان فيها بركة!!"، قلت لها: "بركتك يا أمي..."، قالت: "ربنا يبصرك ويعرفك!!" حاجات غالية وراقية.
________________________
*مقتل الشيخ الذهبي كان سنة 1977، والإمام الأكبر الشيخ عبدالحليم محمود تولى مشيخة الأزهر من الفترة 1973 إلى سنة انتقاله عام 1978، يعني حدث ذلك أثناء تولية مشيخة الأزهر، وقبل انتقاله بعام واحد.
.
0 تعليقات